تراجع معدلات الجريمة خلال رمضان ودور العلماء في تعزيز الأمن والتنمية
خلال لقاء تواصلي جمع بين المجلس العلمي الأعلى وخبراء في التنمية، ألقى بوبكر سبيك، المراقب العام للشرطة والناطق الرسمي باسم المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، كلمة أكد فيها على الانخفاض الكبير في معدلات الجريمة خلال شهر رمضان. هذا اللقاء الذي عُقد صباح الأحد 9 فبراير 2025 بمقر المجلس في مدينة الرباط، شهد استعراضًا لدراسة مقارنة أبرزت تأثير الشهر الفضيل على السلوكيات الاجتماعية والأمنية.
وأوضح سبيك أن معدلات الجريمة شهدت تراجعًا بنسبة تصل إلى 32% خلال شهر رمضان، مشيرًا إلى أن هذا الانخفاض يعود إلى عاملين رئيسيين: الأول يرتبط بالإجراءات الأمنية المشددة التي تنفذها مصالح الشرطة لتأمين هذا الشهر، والثاني يعود إلى الأجواء الروحانية التي تدفع الناس نحو العبادة والتدين، مما يؤدي إلى تهذيب السلوكيات وتعزيز قيم التسامح.
من الناحية الإحصائية، أظهرت المقارنة بين رمضان وشهر فبراير 2024 انخفاضًا بنسبة 28% في عدد القضايا، بما يشمل جرائم القتل العمد (-50%)، والاغتصاب (-31%)، والسرقات بالخطف والنشل (-37%). في المقابل، لوحظ ارتفاع في بعض القضايا مثل استهلاك الشيشة (+37%)، والتسول الاعتيادي (+5%)، واستهلاك وترويج المخدرات (+17%).
وأكدت مقارنة أخرى مع شهر مايو 2024 استمرار الانخفاض في الجرائم خلال رمضان، حيث سجلت تراجعات بنسبة 42% في السرقات بالعنف، و44% في جرائم القتل العمد، و38% في جرائم الاغتصاب.
رغم الاعتقاد السائد بين بعض المغاربة حول تفاقم الجريمة خلال رمضان تحت مسمى “الترمضينة”، شدد سبيك على أن هذه القضايا تعد حالات شاذة وغير معبرة عن الواقع العام، الذي يتسم بانخفاض ملحوظ في معدلات الجريمة.
وفي سياق آخر، أبرز سبيك الدور المحوري للعلماء في مكافحة التطرف من خلال تحصين الشباب ضد محاولات الاستقطاب والتجنيد التي تمارسها الجماعات الإرهابية. وأكد أن مواجهة الفكر المتطرف تتطلب نشر تعاليم الدين الصحيحة التي تحض على التسامح والاعتدال. كما أشار إلى أهمية إعادة هيكلة الحقل الديني، بما في ذلك تقنين أماكن العبادات ومأسسة الفتوى، وهو ما ساهم في تقليص محاولات الاستقطاب المباشر ودفع التنظيمات الإرهابية إلى اللجوء إلى وسائل بديلة.
من جانب آخر، أفاد سبيك بأن مصالح الأمن الوطني عالجت 160 قضية خلال عام 2024 تتعلق بجرائم داخل أماكن العبادة ومحيطها، شملت ثلاث قضايا في مؤسسات التعليم العتيق، وعشر قضايا في الأضرحة والزوايا، و144 قضية بمحيط المساجد، وثلاث قضايا في أماكن عبادة النصارى، دون تسجيل أي قضية في أماكن عبادة اليهود. وأوضح أن أغلب هذه القضايا تتعلق بالتسول أو العنف اللفظي والجسدي، مع غياب الجرائم الخطيرة باستثناء بعض الحالات التي ارتكبها مختلون عقليًا.
وأشاد سبيك بمساهمة العلماء في برنامج المصالحة داخل السجون، حيث شارك حوالي 310 معتقلين في قضايا الإرهاب، وأسفر البرنامج عن نجاحات إصلاحية ملموسة تمثلت في استفادة بعض المعتقلين من العفو الملكي وتخفيض عقوبات آخرين.
وفي ختام حديثه، دعا سبيك إلى إعداد حقيبة بيداغوجية لخطة تسديد التبليغ موجهة للناشئة التعليمية، وإثرائها بمواضيع تتناسب مع خصوصية هذه الفئة. كما عبّر عن اعتزازه بحضور اللقاء من داخل مؤسسة العلماء، مؤكدًا أن هذا الجمع يسهم في تعزيز مفهوم الإنتاج المشترك للأمن والتنمية.