في إطار الجهود الرامية إلى مكافحة الأمية وتعزيز التعلم مدى الحياة، تُعد برامج تكوين المكونين ركيزة أساسية لضمان جودة المبادرات التعليمية. وانطلاقاً من هذا الهدف، نظمت جمعية الأمل للتنمية المستدامة بواد لو، بالشراكة مع الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية بالرباط، دورة تكوينية مكثفة يومي 20 و21 فبراير 2025، استهدفت تطوير مهارات المشرفين والمكونين العاملين في برامج محو الأمية. جاءت هذه الدورة تحت تأطير الخبيرة التربوية الدكتورة سهام السباعي الكيحل، وبإشراف مباشر من الدكتور محمد سعيد بن يحيى، المندوب الإقليمي للوكالة الوطنية بتطوان، مما أضفى عليها طابعاً علمياً ومؤسسياً متميزاً. تشير الإحصائيات الأخيرة إلى أن معدل الأمية في المغرب لا يزال يشكل تحديًا، خاصة في المناطق القروية والنائية. وفي هذا الصدد، تؤكد الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية أن تمكين الكوادر التعليمية من الأدوات الحديثة يُعَدُّ استثماراً في رأس المال البشري، وهو ما ينعكس إيجاباً على تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة (التعليم الجيد). ومن هنا، برزت شراكة الجمعية مع الوكالة كأنموذج للتعاون بين المؤسسات الحكومية والجمعيات المحلية لتعميم الفائدة. – ركزت الدورة على محاور متعددة، منها: – استراتيجيات التعلم التفاعلي وكيفية تطبيقها في فصول محو الأمية. – التكنولوجيا التعليمية واستخدام التطبيقات الرقمية لتعزيز مشاركة المتعلمين. – التقييم التربوي وطرق قياس التقدم الفردي للمستفيدين. – التعامل مع الفئات الهشة، مثل النساء وكبار السن، ودمجهم في البرامج. – تضمنت الجلسات ورشات عملية لتصميم دروس نموذجية، مع مناقشة حالات دراسية من تجارب المشاركين أنفسهم. كمؤطرة رئيسية، قدمت الدكتورة سهام رؤية شاملة تجمع بين النظرية والتطبيق، مستندة إلى خبرتها الأكاديمية والميدانية. وأكدت في حديثها على “ضرورة تبني مقاربات مرنة تُراعي الخصائص الاجتماعية والنفسية للمستفيدين، خاصة في المناطق التي تعاني من هشاشة البنية التحتية التعليمية”. عبر الدكتور بن يحيى عن اعتزازه بهذه الشراكة، مشيراً إلى أن “تعزيز كفاءات المكونين هو الضامن لاستدامة برامج محو الأمية ووصولها إلى الفئات المستهدفة بكفاءة أعلى”. كما أعرب العديد من الحاضرين عن ارتياحهم لمحتوى الدورة، حيث صرحت إحدى المكونات: “اكتسبنا أدوات جديدة لتحفيز المتعلمين، خاصة استخدام القصص الرقمية التفاعلية”. بينما أشار أحد المشرفين إلى أن “ورشات العمل ساعدتنا على تحديد الثغرات في خططنا الحالية وإعادة تصميمها وفقاً لأفضل الممارسات”. تُعد هذه الدورة جزءاً من سلسلة مبادرات تعاونية بين الطرفين، حيث تسعى جمعية الأمل إلى توسيع نطاق برامجها في جهة واد لو، بدعم من الوكالة التي توفر الإطار المؤسسي والتمويل الجزئي. ومن المقرر أن تشهد الأشهر المقبلة إطلاق مرحلة جديدة من البرامج مع التركيز على النساء والشباب. لا تقف مكافحة الأمية عند توفير الفصول الدراسية فحسب، بل تتطلب تطويراً مستمراً للكوادر القادرة على قيادة التغيير. وتؤكد الدورة التكوينية بواد لو أن الاستثمار في بناء القدرات هو طريق المغرب نحو تقليص الفجوة التعليمية، وتحقيق رؤية 2030 في مجال التنمية المستدامة. وفي ظل الشراكة الفاعلة بين القطاع العام والمجتمع المدني، تُصبح الأهداف الطموحة قابلة للتحقق، خطوةً بخطوة.
التعليقات مغلقة.