حاوره : أسامة بوكرين
عشرات من العروض المسرحية، جوائز هنا و هناك، مؤسس فرقة “الرحلة” للفنون الحية رفقة مجموعة شبابية موهوبة لم يسبق لها ان وجدت فرصة للإبداع، هو “عبد اللطيف نحيلة”، ابن مدينة سيدي قاسم، قدم لها الكثير رغم صغر سنه، حتى الأن لا زال الشاب المسرحي لم يتجاوز العشرين، لكن في حويصلته ” وداعا أيها الطيب – طلق السخون – رحلة حروف-سويقة”، و تحارب أخرى جعلت منه رائد الحركة المسرحية الشبابية في اقليم سيدي قاسم دون منازع، و احد ابرز الوجوه الشبابية في المساحة الوطنية، ألف و أخرج و شخص و أثار جدلا كبيرا بمسرحية “رحلة الحروف” التي أثار بها حفيظة “الأصوليين” و أوصل بها صوت الجرأة الى خشبة المسرح مما تسبب له في سيل من الإنتقادات من جهة و إشادة كبيرة من جهة أخرى .. اليوم ارتأينا أن نحاور لكم الشاب المسرحي “عبد اللطيف نحيلة” و نقف عند تفاصيل التفاصيل في تجربة شاب مسرحي لا زال أمامه طريق طويل لمزيد من الإبداع ..
كيف جاءت فكرة تأسيس فرقة “الرحلة” للفنون الحية ؟
إن مشروع “رحلة للفنون الحية” هو الأخر رحلة لعبد اللطيف نحيلة منذ نعومة أظافري و أنا أحلم بتأسيس فرقة خاصة و التي تحولت بموجب شروط العمل إلى مؤسسة ، حيث أن الإسم جاء للإعلان عن التيار الفني المعاصر الذي نحن بصدد تأسيسه خلفا لرواد الحركة المسرحية خاصة و الفنية عامة بالمغرب أمثال : المرحوم الطيب الصديقي و الدكتور عبد الكريم برشيد و المرحوم الطيب لعلج …لنستهل رحلة البحث و الإبداع !!
مسرحية “وداعا أيها الطيب” أعطت إشعاعا كبيرا لإسم “عبد اللطيف نحيلة .. كيف كانت هذه التجربة ؟
كانت تجربة مميزة و فاصلة في مساري الفني ، إذ هي بمثابة رحلة وداع لعملاق المسرح المغربي صاحب رائعة المجدوب و مقامات بديع الزمان الهمذاني وهلما جرا … المرحوم الطيب الصديقي و غوص في كرونولوجيا تجربته الفنية و الشخصية بلمسة مسرح الرحلة ، و قد لقيت هذه القافلة الفنية إقبال مجموعة من الرحالة المسرحيين و عشاق أبو الفنون و إعلامي الحركة الفنية … كما أنني أتحين الفرصة المناسبة و الإمكانيات المتاحة لإعادة السفر عبر محطات وداعا أيها الطيب …
-مسرحية “رحلة حروف” خلقت ضجة في الوسط الفني بعد عرضها في سيدي قاسم بسبب الجرأة التي تعاطيت بها مع العرض .. كيف تعاملت مع هذا الجدل ؟
تعاملت معه بحكمة الصمت و ما تحمله من دلالة لكوني أعي جيدا أن هذا الجدل هو نتاج الصدمة الأولى مع الجرأة الخلاقة ومع المواضيع التي أضحى يتعاطى لها الفن المعاصر و التي كانت في خانة المحظورات و ما تحمله من حروف رحلة حبلى برسائل موقوتة بما تخفيه مشاهد واقعنا المرير.
بعيدا عن الانتقادات الجزئية لعروضك .. ما سر غلبة طابع “الجرأة” على توجهك المسرحي ؟
ليس هناك أي سر متوار وراء اشتغالي على الجرأة أكثر من أسرار الهوة الفاصلة بين اليوم و الأمس و الغد … ناهيك على ما ينضح به مجتمعنا اليوم من جرأة بل حتى وقاحة تستفز الإبداع و المبدعين !!!
-ما هي المدرسة الفكرية المسرحية التي تأثر بها “نحيلة” منذ بداياته ؟
إن سفري بين التيارات المسرحية بتنوعها و غناها ، جعل مني اليوم رحالة مستقلا اعتاد التغير و التغيير من محطة لأخرى و أسعفتني كلها على محاولة تأسيس تيار فني معاصر ، يعرف بمسرح الرحلة تنظيرا و ممارسة …
“طلق السخون” عرض تطرقت فيه للوضع السياسي الحالي في المغرب .. هل وجدت صعوبة في ربط المشهد السياسي الحالي بالمتطلبات الإبداعية و الجمالية للعرض المسرحي ؟
لا، لم نلقى صعوبات لربط كل منهما ، لأنهما مرتبطين شئنا أم أبينا ،و متشابهين في كثير من النقط ، فالفن لم يكن ضد السياسة بل دائما في خدمتها و العكس كذلك و في هذا الصدد أستحضر حادثة ” أثناء الإحتلال الألماني لباريس ، صادف أن دخل جندي نازي مرسم بيكاسو . تطلع الجندي بدهشة إلى رسوم بيكاسو التكعيبية المعلقة على الجدران : مخلوقات فظيعة ، مقطعة و مشوهة . سأل الجندي الفنان : أنت الذي فعلت ذلك ؟ أجاب بيكاسو : – لا أنتم !! ” ، كحال حراكنا الفني اليوم … فنحن جزء لا يتجزأ من السياسة الآنية المتسمة بالبرودة و الجمود ، ما يجعلنا كمبدعين شباب نكتوي بحرقة وطنيتنا الحقة و نحاول تمرير خطابنا بآختصار في عرض ” طلق السخون ” عن طريق الفن و الثقافة ، لنعيش في دفئ دولة الحق و القانون!!!
مختلف العروض المسرحية التي تقدمها هي من تأليفك و إخراجك و يكون لك دور في التشخيص أيضا .. كيف تستطيع الجمع بين التأليف و الإخراج و التشخيص ؟
أولا ليس كل العروض … لأن لدي مجموعة من المشاركات فقط كمشخص أو مخرج أو كوريغراف…اذا يمكن القول الأغلبية و بخصوص الجمع بين هذا الثالوت أو بالأحرى التوفيق بينهم ، فإنني أعمل جاهدا أن أعطي كل ذي حق حقه ؛ كأم عادلة مع أبناءها …
لقد نظمتم مؤخرا قافلة الرحلة للفنون الحية و هي التجربة الاولى من نوعها في الاقليم فهل كنت راض عنها ؟
كنت راضيا كليا على نجاح الملتقى ، لكون فرقة رحلة للفنون الحية الشابة استطاعت و بقوة أن تحقق ما لم يحققه الكبار ، علاوة على اكتشافنا لمجموعة من المواهب الشابة و صقلها للإحتفال بعيد عرش صاحب الجلالة و زرع روح المواطنة لدى الناشئة ، و غير راضون نسبيا عن الجهات الداعمة باستثناء المجلس الجماعي و للإشارة هذا ليس تحيز حزبي ، بل كلمة صدق في حق رئيس المجلس الجماعي السيد محمد الحافظ الذي مافتئ يساعد الشباب المبدع و المعطاء عن جدارة على خدمة الوطن و الإنسانية . و نقول هذه بداية الرحلة و القافلة تتسع لكل الأيادي البيضاء و الرحل المبدعون .
كلمة أخيرة لشباب مجموعة “رحلة” للفنون الحية و جمهورك الذي ينظر المزيد من العروض الجريئة من عبد اللطيف نحيلة .
التعليقات مغلقة.