أدان المجلس الوطني لحقوق الإنسان “بشدة” “حملة التشهير والتحرش والتحقير، المستعرة وغير المسبوقة”، التي كان ضحيتها المشتكية والمشتكي في قضيتي السيدان سليمان الريسوني وعمر راضي، فضلا عن “القذف والاعتداء والتهديدات المتكررة التي مست بكرامتهما وعرضت سلامتهما وصحتهما ورفاههما للخطر”.
وعبر المجلس في خلاصاته الأولية التي أصدرها بشأن القضيتين عن “انشغاله العميق بكيفية معالجة القضايا المتعلقة بالعنف الجنسي في مجتمعنا، بشكل يخالف مبادئ وقيم وثقافة حقوق الإنسان”.
وبخصوص هاتين القضيتين، أبرز المجلس انتشار قدر كبير من المعلومات الخاطئة وغير المدققة ، خاصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، مجددا توصيته بتجريم خطاب التشهير والتمييز والتحريض على الكراهية والعنف وعلى توصيته المتعلقة بوضع إطار قانوني مناسب لمكافحة المعلومات المضللة و”الأخبار الزائفة”؛
وذكر بأن تصدير دستور المملكة والمادة 26 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يحظران تعرض أي شخص لأي شكل من أشكال التمييز أو الاضطهاد بسبب الجنس أو الهوية أو الانتماء الاجتماعي أو الرأي، خاصة بغرض ترهيبه أو إجباره على الصمت، مشددا على أنه لا المهنة ولا الشهرة ولا العلاقات ولا حتى آراء المعنيين، يمكن أن تشكل بمفردها عناصر لتأكيد أو نفي تهم بارتكاب جرائم و/أو جنح؛ كما لا ينبغي لها، بأي حال من الأحوال، المس بمبدأ المساواة بين المواطنين أمام القانون الذي يكفله الفصل السادس من الدستور.
ودعا المجلس هيئة العدالة إلى ضمان تحكيم المقتضيات الدولية التي صادقت عليها المملكة المغربية، عندما ترى ذلك مناسبا، إلى حين ملاءمة قوانين المملكة مع المعايير الدولية وأحكام الدستور، كما ينص على ذلك تصدير الدستور؛ وأوصى بتمكينه من حضور الجلسات المغلقة خلال المحاكمات التي يقوم بملاحظتها مذكرا بتوصيته المتعلقة بملاءمة قانون الدرك الملكي مع أحكام الدستور والمعايير الدولية المتعلقة بتوقيع المحاضر.
وجدد المجلس التأكيد على التوصية الواردة في تقريره السنوي برسم سنة 2020 المتعلقة بضرورة تمسك المحامين بحقوق الإنسان والحريات الأساسية التي تعترف بها القوانين الوطنية والدولية، وأن تكون تصرفاتهم في جميع الأحوال متماشية مع القانون والمعايير الدولية وأخلاقيات المهنة؛ كما تكرس ذلك المبادئ الأساسية المتعلقة بدور المحامين.
كما توصي الهيئة الحقوقية بإخضاع جميع القرارات المتعلقة بالحرمان من الحرية لمراجعة قضائية مستقلة، وفقا للمعايير الدولية في هذا الشأن، ويجدد التأكيد على توصيته المتعلقة بمصادقة البرلمان، في أقرب الآجال، على إصلاح القانون الجنائي وتكريس مبادئ الشرعية والضرورة والتناسب وتوقع مآلات تطبيق القوانين (la prévisibilité de la loi)، مجددا التأكيد على توصياته بشأن مراجعة الباب الثامن من القانون الجنائي وخاصة تعديل المادة 468 والمواد من 489 إلى 493 وتوصيته بجعل الرضى أساس التشريع المتعلق بالجرائم والجنح ذات الطابع الجنسي، كما يجدد التأكيد على دعوته إلى جعل المكافحة الفعلية والفعالة لإفلات مرتكبي أشكال الاعتداء والعنف الجنسي من العقاب قاعدة رادعة.
ودعا المجلس النيابة العامة إلى تسريع جهود عقلنة اللجوء إلى الاعتقال الاحتياطي وإلى إعمال تدابير حماية الضحايا طبقا لمقتضيات القانون رقم 103.13 ولإعمال تدابير حماية الضحايا والشهود والمبلغين طبقا للقانون رقم 37.10 ، مؤكدا على ضرورة وضع آلية للتكفل الطبي والنفسي والقانوني لضحايا أشكال الاعتداء والعنف الجنسي.
على صعيد آخر ، اعتبر المجلس أن محاكمتي السيدان الريسوني والراضي أجريتا وفق القانون، مبرزا أن هناك عناصر تطرح تساؤلات في سياق هاتين المحاكمتين، “ليست لا خاصة بهاتين القضيتين ولا مرتبطة حصريا بهما”، بل هي عناصر ناجمة عن نواقص وفجوات في القانون، لا سيما قانون المسطرة الجنائية في علاقته مع المعايير الدولية”.
ويعتبر أن “هاتين القضيتين لا تمثلان سوى دراستي حالة حول عدم مطابقة مقتضيات من القانون المذكور مع أحكام الدستور والمعايير الدولية المرتبطة بالمحاكمة العادلة، ولا سيما الفصل 120 من دستور المملكة والمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل النقطة (ه) من فقرتها الثالثة حق المتهم في أن +يناقش شهود الاتهام، بنفسه أو من قبل غيره، وأن يحصل على الموافقة على استدعاء شهود النفي بذات الشروط المطبقة في حالة شهود الاتهام+”.
وبحسب المصدر ذاته، يذكر المجلس الوطني لحقوق الإنسان في هذا السياق بأنه يوص ى، وفق ا للمعايير الدولية في هذا الشأن، بالاستماع في ظروف معينة للإفادات التي يتم الإدلاء بها أمام المحكمة، بالإضافة إلى الإفادات التي يتم الإدلاء بها أثناء مرحلة التحقيق، وذلك من أجل تشجيع الشهود على الإدلاء بشهاداتهم أمام المحكمة في جلسة علنية.
من جهة اخرى ، أبرز المجلس أنه تم احترام شرط العلنية في المحاكمتين واستفاء مسطرتي الاعتقال المقتضيات القانونية طبقا للقانون وللمسطرة الجنائية وإحترام الآجل المعقولة في المحاكمتين؛ وإشعار المتهمان بالتهم الموجهة إلى كل منهما، وتمكن كل واحد منهما من الاتصال بمحام من اختياره، وتمكينهما من الوقت والتسهيلات اللازمة لإعداد الدفاع. كما استجابت المحكمة لطلبات التأجيل المتعددة التي قدمها دفاع كل متهم على حدة من أجل تحضير المحاكمتين.
وأكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان أن التكفل القضائي بضحايا الجرائم والجنح الجنسية يشمل الرعاية الطبية والنفسية للضحايا، إعمالا للفصل 117 من دستور المملكة، الذي ينص على أن القاضي يتولى “حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم وأمنهم القضائي، وتطبيق القانون.
التعليقات مغلقة.