ملتقى العدل والإحسان بالقنيطرة.. سياقات المنع وإخفاقات الجماعة

أعلنت جماعة العدل والإحسان، يوم أمس الثلاثاء، ما يشبه “النفير العام” في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث حُشدت جميع صفحاتها الفايسبوكية، وناطقيها الافتراضيين، لشن هجوم عنيف على الدولة ومؤسساتها بدعوى “منع جامعة ابن طفيل بالقنيطرة تنظيم نشاط طلابي يناصر قضايا الأمة الإسلامية وفي طليعتها قضية فلسطين”.

ومن يدقق جيدا في الخرجات الإعلامية لممثلي الجماعة داخل “ائتلاف الطلبة”، أو في تدوينات “كاهية” الناطق الرسمي بلسان حال العدل والإحسان، يلاحظ أن “العنف اللغوي” الذي مارسته الجماعة في وسائط الاتصال الجماهيري (يوم أمس) استعمل جميع الأسلحة المحظورة، بما في ذلك الكذب وتحريف الحقائق واختلاق العشرات من الاعتقالات المزعومة والتعذيبات الممنهجة، في وقت نفت فيه ولاية أمن القنيطرة، بشكل قاطع، تقييد حرية أي طالب أو خفر أي واحد منهم على متن سيارات الشرطة.

ولعل الكثير من الناس لم يستوعبوا إصرار جماعة العدل والإحسان على تنظيم هذا النشاط “شبه الطلابي” غير المرخص داخل رحاب الجامعة، كما أن جزءا كبيرا من الرأي العام لم يفهم سبب كل هذا “الإنزال الفايسبوكي” الذي انخرطت فيه الجماعة يوم أمس الثلاثاء، بطريقة مريبة تطرح أكثر من علامة استفهام حول طبيعة هذا النشاط الذي كانت تراهن عليه الجماعة داخل الجامعة.

 

نشاط طلابي أم إنزال وطني

 

من يريد أن يفهم طبيعة النشاط الذي كانت تراهن عليه جماعة العدل والإحسان داخل جامعة ابن طفيل بالقنيطرة، عليه أن يستقرأ جيدا السياق الزمني الراهن المطبوع بالانتخابات الطلابية من جهة، والتوترات الإقليمية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط من جهة ثانية.

 

فخلال الفترة الممتدة من 5 إلى 7 أبريل الجاري، عرفت الساحة الطلابية على الصعيد الوطني تنظيم انتخابات تجديد الهياكل التنظيمية للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، خصوصا مكاتب التعاضدية ومجلس القاطنين ومكاتب الفروع، وهي الانتخابات التي عرفت بعض الانزلاقات والنزوعات نحو العنف مثلما حدث في جامعة عبد المالك السعدي بمدينة مارتيل.

 

وفي تعليق على هذا الموضوع، تحدث أحد الطلبة قائلا “إن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب أضحى اليوم عبارة عن امتداد لفلول جماعة العدل والإحسان داخل الجامعة، وأن هذه الأخيرة أرادت تتويج هذه الانتخابات الطلابية بتنظيم ملتقى وطني يكتسي طابع الإنزال المفعم بالرسائل السياسية”.

 

واستطرد المصرح كلامه “بأن اختيار مدينة القنيطرة لم يكن اعتباطيا أو وليد اختيار الطلبة، وإنما كان فتوى من الأمانة العامة للدائرة السياسية للجماعة التي اختارت مدينة القنيطرة نظرا لموقعها الجغرافي في الوسط والقريب من كبريات الجامعات المغربية، خصوصا فاس والرباط والدار البيضاء ووجدة ومراكش وسطات وبني ملال وتطوان وطنجة…”. وأن هذا الاختيار يضيف المعني بالأمر “كان يصبو تحقيق إنزال وطني وحشد طلابي كبير لاستعراض العضلات داخل الجامعة برسائل متعدية القصد لمن يهمه الأمر سياسيا خارج الحرم الجامعي”.

 

نشاط “شبه طلابي”

 

استبقت رئاسة جامعة ابن طفيل بالقنيطرة تنظيم هذا “الملتقى الوطني” الذي كان مقررا خلال أيام 12 و13 و14 أبريل الجاري، وقررت تعليق الدراسة ومنع هذا النشاط بدعوى ” أنه يكتسب طابعا وطنيا يتجاوز حدود الجامعة، وأنه ينظم بشراكة مع هيئة غير طلابية ولا علاقة لها نهائيا بالجامعة”. كما شدد بلاغ رئاسة الجامعة المنشور في هذا الشأن على “أن قرار المنع يستحضر الحالة الوبائية التي تمر منها بلادنا، ويروم تفادي التوترات المحتملة بين الفصائل الطلابية، كما يرنو حماية أمن الطلبة والأطر والمنشآت الجامعية”.

 

ورغم أن جامعة ابن طفيل لم تحدد صراحة من هي الجهة غير الطلابية التي كانت ستشارك في هذا “الملتقى”، إلا أن منشورات جماعة العدل والإحسان تؤكد بشكل واضح بأن الهيئة المعنية هي “الهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة” الموالية هي الأخرى للجماعة ! بمعنى أن “المنظم والشريك والراعي كلهم تابعين لجماعة العدل والإحسان” يؤكد مصدر طلابي من جامعة ابن طفيل.

 

ومما يكشف بوضوح بأن النشاط الذي كانت تراهن عليه جماعة العدل والإحسان يتجاوز “الهموم الطلابية” ليلامس “الاختيارات السياسية والامتدادات الإقليمية”، يؤكد المصدر الطلابي المذكور “هو عنوان الملتقى في حد ذاته الذي اختير له اسم (ملتقى القدس الخامس بالقنيطرة) “. كما أن اختيار تنظيمه في “غرة” شهر رمضان يضيف المصرح “لم يكن وليد الصدفة، وإنما هو إملاء من مكتب العلاقات الخارجية بجماعة العدل والإحسان، في محاولة لاستغلال الجامعة لتصريف رسائل سياسية حول ما يدور حاليا من توترات في الساحة الفلسطينية”.

 

وختم المصدر الطلابي المذكور “بأن غصة وحنق جماعة العدل والإحسان يوم أمس الثلاثاء بعد قرار المنع، يمكن فهمهما إذا أدركنا طبيعة وخلفية النشاط الممنوع. فالجماعة كانت تراهن على ملتقى القنيطرة لإرهاب طلبة الداخل، وإحراج المغرب إقليميًا ودوليا بسبب استئناف علاقاته مع إسرائيل، فضلا عن بث رسالة مؤداها أن الجماعة لا زالت على قيد الحياة حتى ولو سمعتم زفرات احتضارها” .

التعليقات مغلقة.