تعتبر “منصة الطرف الثالث الموثوق به لإثبات الهوية” منظومة معلوماتية وخدماتية، طورتها المديرية العامة للأمن الوطني انطلاقا من التقنيات الحديثة المدمجة بالجيل الجديد من البطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، تروم تعزيز أمن الوثائق والمعاملات بشكل استباقي وتسهيل وتبسيط الخدمات المقدمة للمواطنين . وأوضح مقال نشر في العدد الـ 46 لمجلة الشرطة، الصادر مؤخرا، أن هذه الآلية تسمح للمواطن المغربي باستعمال الوسائط المعلوماتية ممثلة في الحامل المادي للبطاقة نفسه أو شبكة الأنترنيت في عملية التعريف بهويته وإثباتها بشكل آلي، الأمر الذي يضمن له تفادي الأخطاء عند نقل أو تدوين بيانات هويته من طرف مزودي الخدمات العموميين والخواص، كما يحول كذلك دون انتحال الهوية واستعمالها في عمليات التزوير.
وتحقيقا للأهداف المنشودة من هذه المنصة المعلوماتية الخدماتية، أبرز كاتب المقال أن مصالح الأمن الوطني طورت تطبيقا معلوماتيا يسمى “هويتي الرقمية”، يمكن تحميله على أنظمة تشغيل الأجهزة المحمولة الأكثر استعمالا على الصعيد الوطني، ويسمح لعموم المواطنين بإنشاء ومتابعة واستغلال هويتهم ضمن الفضاء الرقمي بشكل آمن وشخصي، انطلاقا من المعطيات المضمنة بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، كما تم تعزيز هذا التطبيق بإطلاق البوابة الرقمية التفاعلية “www.Identitenumerique.ma” على شبكة الأنترنت، والتي تمكن بدورها المواطنين من الاستفادة من حزمة خدمات الهوية الرقمية بشكل سهل ودون الحاجة إلى تحميل التطبيق المعلوماتي على الهواتف النقالة.
وتابع الكاتب أن المديرية العامة للأمن الوطني تعتبر هي الطرف الثالث الموثوق به، لكنها طرف خارجي ولا علاقة لها نهائيا بطبيعة المعاملات المنجزة، إذ يقتصر دورها فقط على توفير منصة إلكترونية للمواطن لكي يقوم بتوثيق معاملاته وإثبات هويته لدى مزود الخدمة، إما بشكل مباشر باستعمال الحامل المادي لبطاقة التعريف الوطنية الإلكترونية أو عن بعد عن طريق تطبيق معلوماتي وموقع إلكتروني للهوية الرقمية، متوفرين بشكل مجاني للاستعمال على أنظمة التشغيل المحمولة الأكثر انتشارا.
ومن هذا المنطلق، فإن العمل بهذه الخدمة الجديدة يقتضي وجود ثلاثة أطراف، يتمثل الأول في المزود الخاص أو العام الذي يقترح خدمات على المواطنين (بنك، شركة اتصالات، مؤسسة إدارية عمومية…)، فيما الثاني هو المواطن الراغب في الاستفادة من هذه الخدمة بطريقة آمنة باستعمال بطاقته الوطنية للتعريف، أما الطرف الثالث فهو المنصة التي طورتها المديرية العامة للأمن الوطني، والتي يتم الولوج إليها من أجل التأكد من صحة المعطيات التعريفية التي أدلى بها المواطن لمزود الخدمات، وذلك بالطبع بعد أن يبدي المواطن موافقته على هذا الولوج سواء باستعمال القن السري الخاص بالبطاقة التعريفية أو بأية وسيلة أمان أخرى معتمدة.
وهكذا، تتيح هذه المنظومة الرقمية للهيئات والمؤسسات العمومية والخاصة التحقق من هوية الأشخاص الذاتيين الراغبين في الولوج إلى الخدمات الرقمية المباشرة وتلك المنجزة عن بعد، وبطريقة آلية بعيدة عن أي تدخل بشري، وبالتالي منحهم الحق في الولوج إلى حزمة متنوعة من الخدمات، بشكل مؤمن يحفظ معايير الأمن المعلوماتي لكافة أطراف هذه المعادلة.
وأكدت المديرية العامة للأمن الوطني على أن الهدف من تطوير منظومة الطرف الثالث الموثوق به للتحقق من الهوية كان ولا يزال هو تعزيز أمن الوثائق والمعاملات بشكل استباقي، وتفادي عمليات انتحال الهويات واعتمادها من طرف الجناة والمشتبه بهم في التزوير واستعماله من جهة، وتسهيل انفتاح مزودي الخدمات العموميين والخواص على المزايا التي يوفرها الفضاء الرقمي من جهة أخرى.
ولفت صاحب المقال إلى أن الفرق التقنية، التي طورت المنصة الجديدة للتحقق من الهوية، كانت حريصة على احترام الضوابط والمتطلبات القانونية والتقنية الخاصة بحماية المعطيات الشخصية، حيث إن هذه العملية تتم دون المساس بالمعطيات الشخصية لحامل البطاقة، فضلا عن كون المنصة نفسها تفرض فصلا كاملا بين معطيات الاستخدام الخاص بالخدمة المقدمة للمواطن وبين المعطيات الشخصية للمستخدم، سواء من حيث قراءة هذه المعطيات أو تخزينها أو استغلالها.
التعليقات مغلقة.