تشكل منظومة التربية و التكوين والبحث العلمي قاطرة حقيقية للتنمية الإقتصادية والإجتماعية ببلادنا، و اعتبارا لذلك حظيت هذه المنظومة بعناية مولوية خاصة في مجموعة من الخطب الملكية وفي مناسبات متعددة.
إن الدعوة الملكية السامية إلى إجراء وقفة موضوعية مع الذات، يحيلنا إلى ضرورة التشخيص الموضوعي لقطاع التعليم العالي ببلادنا، ويحيلنا أيضا إلى حتمية إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، حيث أصبح التحديث ضرورة ملحة نظرا للأعطاب والاختلالات النوعية التي تطال هذه المنظومة، ولعل أهمها الضغط المتزايد على التعليم العام الجامعي، يطبعه شرخ لغوي بين المستوى الثانوي والتعليم العالي، وضعف المستوى المعرفي، ناهيك عن غياب نظام ناجع للتوجيه.
بالإضافة إلى ذلك، لم يستطع النظام الحالي توفير تكوينات للطلبة في الكفايات الأفقية المتعلقة بالمهارات الحياتية والذاتية، وعدم القدرة على تحديد الحاجيات وتعبئة الشركاء للمساهمة في بلورة وتأطير التكوينات المناسبة.
وأكد ذلك صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وايده في خطابي السامي بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لصورة الملك والشعب بوم 20 غشت 2018، قوله جلالته:
“إذ لا يمكن أن نقبل لنظامنا التعليمي أن يستمر في تخريج أفواج من العاطلين، خاصة في بعض الشعب الجامعية، التي يعرف الجميع أن حاملي الشهادات في تخصصاتها يجدون صعوبة قصوى في الاندماج في سوق الشغل. وهو هدر صارخ للموارد العمومية، ولطاقات الشباب، مما يعرقل مسيرات التنمية، ويؤثر في ظروف عيش العديد من المغاربة”.
إن الإطار العام لإرساء نظام البكالوريوس المرتقب يجد مرجعيته أساسا في البناء الدستوري للمملكة، حيث تنص المادة 31 على “ضرورة استفادة المواطنات و المواطنين على قدم المساواة من الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج وذي جودة…” كما يجد مرجعيته من مقتضيات قانون الإطار الخاص بالمنظومة التعليمية رقم 17-51.
علاوة على اعتماده مجموعة من التوصيات الدولية والتقارير الوطنية المنجزة من طرف الجامعات، واجتماعات عدة لجان ضمت رؤساء الجامعات CPU ورؤساء المؤسسات الجامعية وأساتذة من مختلف التخصصات.
إن تنزيل نظام البكالوريوس لا يمكن أن يكتب له النجاح إلا بتبني مقاربة تشاركية يساهم فيها كل المهتمين بالشأن البيداغوجي وعلى رأسهم رؤساء الجامعات والعمداء ومدراء المؤسسات الجامعية، والسادة الأساتذة حاملي المشاريع ورؤساء الشعب ومنسقي المسالك وكل الأساتذة الأجلاء العاملين في الحقل الجامعي.
إن نظام البكالوريوس يحبل بالعديد من المستجدات ذات الأهمية القصوى، والتي يمكن إجمالها في التالي:
– أولا : اعتماد سنة تأسيسية، وإرساء نظام متطور للتوجيه و التنشيط.
– ثانيا : إدماج الكفايات الحياتية و الذاتية بالهندسة البيداغوجية، و الرفع من فعالية التعلم و التمكن من اللغات الأجنبية وإدراج نظام الإشهاد.
– ثالثا : تشجيع العمل الشخصي للطالب وتنمية وتعزيز قدراته الرقمية والإنفتاح على حقول معرفية أخرى.
– رابعا : وضع نظام الأرصدة القياسية للحفاظ على المكتسبات.
وللتذكير، إن تنزيل نظام البكالوريوس لا يمكن أن يكتب له النجاح إلا بتبني مقاربة تشاركية يساهم فيها كل المهتمين بالشأن البيداغوجي وعلى رأسهم رؤساء الجامعات والعمداء ومدراء المؤسسات الجامعية، والسادة الأساتذة حاملي المشاريع ورؤساء الشعب ومنسقي المسالك وكل الأساتذة الأجلاء العاملين في الحقل الجامعي.
وعلى هذا الأساس يأتي تنظيم هذه المناظرة الجهوية ضمن هذا السياق التشاركي، حيث تم عرض مجموعة من المشاريع ذات الصلة بتنزيل نظام البكالوريوس.
هذه المناظرة الجهوية هي مناسبة سانحة التي مكنت كل الفاعلين من أجل تعميق النظر في المشاريع المقترحة، ومكنت كذلك من تقديم الاقتراحات والبدائل، وإبداع الآليات القمينة للرفع من جودة هذا الإصلاح المرتقب.
وبهذا الصدد تم تسجيل بارتياح انخراط الجامعة المغربية، منذ انطلاق هذا الإصلاح النوعي، في مسلسل تنزيل نظام البكالوريوس، حيث تم عقد اجتماعات متعددة مع العمداء ورؤساء المؤسسات الجامعية، كما تم القيام بلقاءات تواصلية حول مضامين الإصلاح وآليات تنزيله، وبهذا الصدد نسجل إرتياحنا العميق للإستجابة الايجابية للسادة الأساتذة الذين تقدموا بمشاريع في تخصصات متعددة، على أن تعقبها مشاريع أخرى في المستقبل القريب.
التعليقات مغلقة.