كثيرون لم يفهموا سر تجاسر طه الفحصي، مغني الراب “طوطو”، على نساء ورجال الأمن الوطني، عندما حاول تحميلهم مسؤولية أحداث الشغب التي تخللها حفل البوليفار بالدار البيضاء.
لكن بمجرد ما يدرك الرأي العام أن “طوطو” هذا هو مجرد جانح ومدمن مخدرات، يتلاعب باللايكات الافتراضية، فإنه يدرك جيدا سبب استهدافه وتحامله على الأمن. فالجنوح والإدمان لا يلتقيان مع القانون والأمن، والمدمن الجانح دائما ما يتجسم في الأمن ذلكم “العدو” الذي يحول بينه وبين موحشات الرذيلة ومستنقع الإدمان.
ولعل هذا هو السبب الظاهر الذي جعل “طوطو” ينفث جرائمه على مشجب الأمن. فهذا المغني المسطول لم يكن ينشد نجاح حفلة البوليفار، ولم يكن يرنو إمتاع الجماهير، بل كان همه الوحيد هو “التبويقة” مادام أن الحبة والبارود هي من ميزانية وزارة الشباب والثقافة والتواصل.
فماذا كنا ننتظر من مغني مبتذل “مرفوع” بالمؤثرات العقلية التي تفرزها العشبة الخضراء، ومن وزارة “منصوب” عليها في المال العام، ومن حشود “مجرورة” إلى حفلات صاخبة تصدح بالكلام الساقط. هل كنا ننتظر أن نستمع لموشحات أندلسية، وأهازيج أمازيغية، وطقطوقة جبلية؟ فمن يزرع “طوطو” لا يمكن أن يحصد أم كلثوم أو سلين ديون أو زرياب واسمهان!!
فمن يزرع “طوطو” عليه أن ينتظر محصولا كاسدا مثل زبد البحر، أو كغثاء أحوى تذروه الرياح في يوم عاصف.
فالمسؤول عن استهداف الأمن والمساس بالنظام العام ليس هو “طوطو” المسطول. لأن هذا الأخير هو مجرد كائن هجين أفرزته الشبكات التواصلية، وهي الكفيلة بوأد موضته وشهرته الهلامية، مثلما وأدت قبله مي نعيمة وولد لكرية والخاسر وحليوة ونزار وهشام الملولي وكل تلك النساء صاحبات الأثداء المتوهجة في روتيني اليومي.
لكن المسؤول الحقيقي عن المساس بمرتكزات النظام العام، وخدش الحياء المجتمعي، وطمس المثل والقيم الاجتماعية، هو من تعاقد مع “هبيلة وقال ليها زغرتي”. من انحدر إلى القاع ليجلب لنا مغنيا مسطولا ويغرف له من المال العام ليسب الأمن والشعب ويتجاسر عليهما في زمن “طوطو”.
فعلا إنه “زمن طوطو” الذي يذكرنا بكتاب “زمن فيفي عبدو” الذي ألّفه عماد ناصر في سنة 1994 لاستعراض تناقضات الواقع المصري في زمن ما بعد عمالقة الفن.
وللأسف الشديد، أصبح للمغرب زمنه الخاص به هو زمن “طوطو المسطول”، الذي أصبح فيه هذا المارد يعتلي المنصات من الرباط إلى الدار البيضاء إلى أكادير، بينما يتوارى الفنانون الحقيقيون محتشمين وراء الستار.
والفضيحة الكبرى أن هذا المارد الجانح يعتلي المنصات الفنية باسم وزارة الشباب والثقافة وليس باسم المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، والتي كان حريا به أن يكون خريج مؤسساتها العقابية والإصلاحية وليس موفدا علينا من وزارة تعنى للأسف ب “الثقافة”.
التعليقات مغلقة.