لا يختلف حسن بناجح، ناطق العدل والإحسان في وسائط الاتصال، كثيرا عمن تورطوا في قتل مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة! فكلاهما ينهلان من معين العنف، ويحرضان على الكراهية والقتل، الأول عبر أسلوب “التنياش” من رمح الرماة، والآخرين عبر زناد التصويب من ماسورة القناصة.
فقد خاطب حسن بناجح جحافل المريدين والأتباع في شبكات التواصل الاجتماعي بتدوينة حماسية تنضح بهدير القومة، وتجهر بصيحات الفداء والجهاد، بأن قال لهم يا قوم لا أملك لكم من سبيل سوى “التنياش..التنياش يرحمكم الله”.
ولفظة “التنياش”، التي حشد بها حسن بناجح الهمم وشحذ بها الرماح وامتشق بها الأنصال، تفيد في اللغة “التصويب” بدقة على الهدف، وهو الشيء نفسه الذي قام به القناص والرامي الذي استهدف شيرين أبو عاقلة بالقرب من مخيم جنين بفلسطين.
ومن هذا المنطلق، فحسن بناجح، وخلفه جماعة العدل والإحسان، إنما يحث على القتال بنفس الطريقة التي أزهقت بها روح شيرين أبو عاقلة، مع اختلاف طفيف في لغة التحريض (التنياش بدل التصويب)، وتباين في طبيعة السلاح المستعمل في التنياش، الذي ثبت أنه سلاح ناري في قضية الصحافية الفلسطينية، لكننا في المغرب لا زلنا ننتظر أن تكشف التحقيقات ماهية السلاح الذي يراهن عليه حسن بناجح لتنفيذ تحريضه.
واستعمال حسن بناجح لمفردة “التنياش” مرتين، لم يكن اعتباطا أو وليد صدفة أو نزق في التدوين. فالتكرار يفيد التوكيد والتأكيد والعزم على ضرورة إنجاز مهمة التصويب. أما كلمة “التنياش” في حد ذاتها فهي تتطابق مع فكر الجماعة، الذي يسدل على الطلبة والأتباع وصف “الرماح”. فقد كان الشيخ ياسين في حياته يعتبر طلائع الطلبة رماح الجماعة. وبالتالي فإن “التنياش” يتماهى حد التطابق مع خطاب الجماعة وعقيدتها في الفداء بالرماح.
لكن الخطير في سقطة حسن بناجح هي عندما أردف تحريضه على التصويب والتنياش بالحديث عن التطبيع والخيانة. فهو بذلك لم يحرض فقط على من قال أنهم “يستقبلون استقبال الأبطال بالمغرب” وإنما أفتى كذلك بشرعية “التنياش المؤكد” حتى على من يعتبرهم مطبعين. وفي هذه الحالة فهو يجاهر بالدعوة الصريحة للعنف ضد المغرب والمغاربة.
وللأسف الشديد، فهذا هو حال من يتدثرون بالسلمية المزعومة وبالانتصار للإسلام وقيمه. فعندما يتسرع أحدهم بالتدوين ورد الفعل، فإنما يكشف عما تختزله سرائره من عنف وسواد وتحريض على الكراهية، لأنه ينسلخ وقتها من مساحيق الكذب ويتجرد من مستلزمات “التقية” التي يلتحفها عادة أمام الناس، وينكشف حينئذ على سجيته الحقيقية كمقاتل يتأبط الرمح في انتظار “التنياش” على إخوانه وأخواته المغاربة.
وفي حال إذا ما تحققت، لا قدّر الله، واحدة من الجرائم التي حرض عليها حسن بناجح، أو إذا امتثل أحد “النياشة” لهذا الخطاب التحريضي الموغل في العنف والمسرف في الكراهية، فإن المسؤولية الجنائية لحسن بناجح ستكون ثابتة. لأن التنياش لا يعني شيئا في اللغة والاصطلاح سوى الاستهداف والتصويب بكل الأسلحة والآليات المتاحة.
التعليقات مغلقة.